آخر المنشورات

سُلّم ديفيد هاوكينز للوعي - ماهو مستوى وعي الحزن؟

سُلّم ديفيد هاوكينز للوعي - ماهو مستوى وعي الحزن؟

طور ديفيد ر. هاوكينز، وهو طبيب نفسي أمريكي ومعلم روحي ومؤلف، مقياس الوعي الذي يعتبر أداة رائدة لقياس مستويات الوعي البشري والمشاعر. يصنف مقياسه، الذي يُشار إليه غالبًا بخريطة الوعي، حالات الوعي المختلفة على مقياس لوغاريتمي من 1 إلى 1000، بحيث يعكس كل مستوى مواقف ومشاعر وإدراكات محددة. يمتد هذا المقياس من أدنى مستويات التجربة الإنسانية، مثل العار والشعور بالذنب، إلى أعلى حالات التنوير والمحبة غير المشروطة.

كيف نفهم الحزن كمستوى للوعي؟ 

في مقياس الوعي لديفيد هاوكينز، يُوضع الحزن عند المستوى 75 تقريبًا، وهو مستوى يعكس إحساسًا عميقًا بالفقدان والحزن. غالبًا ما يرتبط الحزن بالحداد على وفاة شخص عزيز، لكنه يمكن أن ينشأ أيضًا من أي خسارة كبيرة، مثل نهاية عَلاقة، أو فقدان وظيفة، أو حتى فقدان هُوِيَّة أو نمط حياة.


الحزن كمستوى وعي

في مستوى الحزن، قد يشعر الأفراد بحزن عميق ويأس وإحساس بعدم الجدوى. قد تبدو الحياة ثقيلة، ويمكن أن يكون هناك شعور عميق بالحنين لما كان عليه الوضع سابقًا. يتميز هذا المستوى بالتركيز على الماضي وعدم القدرة على المضي قدمًا. يشبه الأمر بأن الشخص عالق في دائرة من الألم والشوق، غير قادر على رؤية ما بعد الخسارة الحالية.

ورغم أن الحزن هو استجابة طبيعية وضرورية للخسارة، فإن البقاء في هذا المستوى مدة يمكن أن يؤدي إلى مشاعر العجز والاكتئاب. ومع ذلك، فهو أيضًا جزء أساسي من عملية الشفاء. الحزن يسمح للأفراد بمعالجة مشاعرهم، والتصالح مع خسارتهم، والانتقال في نهاية المطاف نحو مستويات أعلى من الوعي، مثل القبول والسلام.

إليك مقارنة بين مستوى الحزن (75) والمستويات الأقل وفقًا لمقياس ديفيد هاوكينز، مع شرح مختصر لكل مستوى:

  • 1.  الشعور بالعار (20:   (أدنى مستوى وعي، حيث يشعر الشخص بالدونية الشديدة والخزي الذي يمكن أن يؤدي  إلى مشاعر عدم الاستحقاق، وقد يصل الشخص إلى حد رفض ذاته بالكامل و التفكير في الانتحار.
  • 2. الشعور بالذنب (30 :(يمثل مستوى الوعي هذا مشاعر الندم الشديد واللوم الذاتي. يمكن أن يشعر الشخص في هذا المستوى بالذنب لدرجة تجعله غير قادر على المضي قدمًا، مما يخلق حالة من الجمود النفسي.
  • 3اللامبالاة (50 :(في  هذا المستوى، يشعر الشخص باليأس وفقدان الأمل. يتميز هذا المستوى بشعور الشخص بالفراغ وعدم القدرة على التفاعل مع الحياة، ما يؤدي إلى حالة من الانفصال العاطفي.
  • 4.الحزن (75) :  مستوى الوعي الذي يتسم بمشاعر الفقدان والأسى واليأس. الشخص في هذا المستوى يشعر بالألم العاطفي لكنه لا يزال أكثر وعيًا بالعواطف مقارنةً بالمستويات الأقل.

ما هو الفرق بين الحزن الطبيعي و الحزن كمستوى للوعي؟ 

الحزن كحالة طبيعية والحزن كمستوى وعي هما مفهومان يرتبطان بالمشاعر لكن يختلفان في كيفية تأثيرهما على الشخص وفي السياق الذي يُفهمان فيه.

1. الحزن الطبيعي:
تعريف: الحزن الطبيعي هو رد فعل عاطفي مؤقت يحدث استجابةً لأحداث معينة، مثل فقدان شخص عزيز أو الفشل في تحقيق هدف مهم. إنه جزء طبيعي من التجربة الإنسانية ويمكن أن يتلاشى مع مرور الوقت.
الخصائص: الحزن الطبيعي يكون غالبًا حادًا في البداية ثم يتناقص مع مرور الوقت. قد يصاحبه البكاء، الشعور بالأسى، ولكن مع الزمن يبدأ الشخص في التعافي ويتجاوز الحزن تدريجيًا.
التأثير: يؤثر الحزن الطبيعي على الشخص بشكل مؤقت ولا يغير بشكل كبير من شخصيته أو إدراكه للحياة. هو جزء من عملية الشفاء ويقود إلى نمو عاطفي عندما يتم تجاوزه.

2. الحزن كمستوى وعي (75):
تعريف: في سياق مقياس مستويات الوعي لديفيد هاوكينز، يمثل الحزن مستوى من الوعي المستمر أو الدائم. في هذا المستوى، يكون الحزن حالة سائدة تؤثر على الطريقة التي يرى بها الشخص العالم وحياته بشكل عام.
الخصائص: الشخص في مستوى وعي الحزن يعيش في حالة مستمرة من الفقدان والأسى، وقد يجد صعوبة في إيجاد معنى أو فرح في الحياة. هذا الحزن يمكن أن يصبح جزءًا من هويته ويؤثر على كل جانب من جوانب حياته.
التأثير: الحزن كمستوى وعي يعوق النمو العاطفي والروحي، وقد يؤدي إلى شعور دائم باليأس. يمكن أن يمنع الشخص من التحرك نحو مستويات وعي أعلى مثل القبول أو الشجاعة.


* الحزن الطبيعي هو تجرِبة عابرة مرتبطة بمواقف محددة، في حين أن الحزن كمستوى وعي هو حالة مستمرة تؤثر بشكل أعمق على الطريقة التي يعيش بها الشخص حياته. الحزن الطبيعي يمكن تجاوزه بمرور الوقت، بينما الحزن كمستوى وعي قد يتطلب تحولًا داخليًا كبيرًا للتغلب عليه والانتقال إلى مستويات أعلى من الوعي.

ما هي الأسباب التي تجعل الحزن كمستوى للوعي؟

الحزن كمستوى وعي ينشأ نتيجة لتراكم مجموعة من العوامل النفسية والعاطفية التي تجعل الشخص يعيش في حالة دائمة من الأسى والفقدان. هذه الحالة يمكن أن تكون ناتجة عن عدة أسباب:

  • 1. التجارِب المؤلمة المتكررة:
  • التعرض المستمر لأحداث مؤلمة، مثل فقدان الأحباء، الفشل المهني، أو العلاقات المؤذية، يمكن أن يدفع الشخص إلى حالة من الحزن المستمر. هذا التراكم يجعل من الصعب  الشفاء منه والتحرك نحو مستويات وعي أعلى.
  • 2. التعلق بالماضي:
  • التعلق القوي بالماضي والأحداث التي لا يمكن تغييرها يجعل الشخص يعيش في دائرة مستمرة من الأسى. قد يجد الشخص صعوبة في التخلي عن الماضي والتكيف مع الحاضر، مما يعزز الشعور بالحزن كحالة دائمة.
  • 3. الإحباط واليأس:
  • الإحساس بعدم القدرة على تحقيق الأهداف أو التوقعات الشخصية يمكن أن يؤدي إلى حالة من اليأس. عندما يشعر الشخص بأنه لا يملك القدرة على تغيير مسار حياته، قد يغرق في الحزن كشكل من أشكال الاستسلام.
  • 4. انعدام الدعم الاجتماعي:
  • عدم وجود دعم اجتماعي قوي من الأصدقاء أو العائلة يمكن أن يزيد من مشاعر الوحدة والحزن. الشعور بالعزلة وعدم وجود من يسمع أو يساند الشخص يجعل من الصعب عليه الخروج من دائرة الحزن.
  • 5. الاعتقادات السلبية عن الذات:
  • الاعتقاد بأن الشخص غير مستحق للسعادة أو أن الحياة قاسية وظالمة يمكن أن يدفعه إلى مستوى وعي الحزن. هذه الاعتقادات تساهم في تعزيز الشعور بالعجز وتمنع الشخص من تجربة مشاعر إيجابية.
  • 6. التركيز على الخسائر:
  • التركيز المستمر على ما فقده الشخص بدلًا من ما يملكه أو يمكنه تحقيقه يؤدي إلى تعميق مشاعر الحزن. الشخص في هذا المستوى غالبًا ما يركز على الخسائر الماضية بدلًا من البحث عن الفرص الجديدة.
  • 7. التجارب المبكرة والصدمة:
  • الصدمات النفسية في مرحلة الطفولة أو الشباب يمكن أن تترك أثرًا طويل الأمد، مما يجعل الشخص عرضة للحزن كمستوى وعي دائم. هذه التجارب تشكل الطريقة التي يرى بها الشخص العالم وتجعله أكثر عرضة للمشاعر السلبية.
الحزن كمستوى وعي يتشكل من خلال مزيج من التجارب الشخصية المؤلمة، الاعتقادات السلبية، وعدم القدرة على التكيف مع الحياة بشكل إيجابي. هذه العوامل تؤدي إلى حالة مستمرة من الأسى واليأس تجعل من الصعب على الشخص الخروج من هذا المستوى من الوعي.


هذا الفيديو يشرح ظاهرة ادمان التعاسة والحزن عند الفرد و المجتمعات



ما هي آثار مستوى وعي الحزن على جوانب الحياة؟

 مستوى وعي الحزن، وفقًا لمقياس ديفيد هاوكينز، له تأثير عميق على حياة الشخص، حيث يحدد كيفية رؤية الشخص للعالم وتفاعله مع الحياة من حوله. إليك تأثيرات هذا المستوى من الوعي:

  • 1. الشعور المستمر بالفقدان والأسى:
  • الشخص الذي يعيش في مستوى وعي الحزن يختبر مشاعر مستمرة من الفقدان والأسى. هذا الشعور ليس مجرد استجابة لحادثة معينة، بل حالة دائمة تؤثر على نَظْرَة الشخص للحياة.
  • 2. التأثير على الصحة العقلية والجسدية:
  • العيش في مستوى وعي الحزن يمكن أن يؤدي إلى مشكلات نفسية مثل الاكتئاب والقلق. أيضًا، قد يكون للحزن تأثيرات جسدية، مثل ضعف جهاز المناعة وزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة نتيجة الضغط النفسي المستمر.
  • 3. التأثير على العلاقات الاجتماعية:
  • الشخص في هذا المستوى قد يجد صعوبة في التفاعل مع الآخرين بشكل صحي. قد يشعر بالعزلة أو يجد صعوبة في بناء علاقات قوية، لأنه قد يكون منغمسًا في مشاعره السلبية وغير قادر على التواصل بشكل إيجابي.
  • 4. الإحباط وفقدان الدافع:
  • الحزن كحالة دائمة يمكن أن يؤدي إلى فقدان الدافع لتحقيق الأهداف أو الاستمتاع بالحياة. الشخص قد يشعر باليأس والإحباط، مما يمنعه من التحرك نحو تحقيق أي تقدم في حياته.
  • 5. التركيز على السلبيات:
  • الأشخاص في هذا المستوى يميلون إلى التركيز على الجوانب السلبية في حياتهم، مما يجعلهم غير قادرين على رؤية الفرص أو الأشياء الإيجابية من حولهم. هذا التركيز السلبي يعزز الحزن ويمنعهم من تجربة مشاعر الفرح أو الرضا.
  • 6. تحدي النمو الشخصي:
  • الحزن كمستوى وعي يعوق النمو الشخصي والروحي. الشخص قد يجد صعوبة في التحرك نحو مستويات أعلى من الوعي مثل الشجاعة أو القبول، مما يجعله عالقًا في دائرة من الأسى واليأس.
  • 7. الشعور بالانفصال عن الحياة:
  • العيش في هذا المستوى يجعل الشخص يشعر بأنه منفصل عن الحياة، وكأنها تحدث من حوله دون أن يكون له تأثير حقيقي أو عَلاقة عميقة بها. هذا الانفصال يزيد من مشاعر الحزن والعزلة.

مستوى وعي الحزن يؤثر سلبًا على حياة الشخص من جوانب عدة، بدءًا من الصحة العقلية والجسدية، مرورًا بالعلاقات الاجتماعية، وصولًا إلى الدافع والنمو الشخصي. للخروج من هذا المستوى، قد يحتاج الشخص إلى العمل على تغيير نظرته للحياة، والبحث عن طرق لمعالجة مشاعر الحزن وإيجاد معنى جديد.

كيف نتجاوز مستوى وعي الحزن؟ 

تجاوز مستوى وعي الحزن يتطلب مجموعة من الاستراتيجيات والجهود التي تساعد في تغيير الحالة النفسية والتفكير السلبي إلى حالة أكثر إيجابية وملائمة. إليك بعض الخطوات الفعالة لتحقيق ذلك:

  • **1. الاعتراف بالحنين ومواجهته:
  • فهم الأسباب: اعترف بالحزن كحالة عاطفية موجودة وكن واعيًا لأسبابها. معرفة ما يسبب لك الحزن يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو معالجته.
  • التعبير عن المشاعر: استخدم الكتابة، الفن، أو المحادثات مع شخص موثوق للتعبير عن مشاعرك. هذا يساعد في تخفيف الضغط العاطفي وفهم أعمق لمشاعرك.
  • **2. تغيير التفكير السلبي:
  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يمكن أن يساعدك هذا النوع من العلاج في تحديد وتغيير الأفكار السلبية التي تساهم في استمرار الحزن. يركز على إعادة تشكيل الأنماط الفكرية السلبية وتعزيز التفكير الإيجابي.
  • التأكيدات الإيجابية: استخدم التأكيدات الإيجابية لتعزيز النظرة المتفائلة. تذكير نفسك بنقاط قوتك ونجاحاتك يمكن أن يساعد في رفع مستوى الوعي.
  • **3. ممارسة الرعاية الذاتية:
  • التمارين البدنية: النشاط البدني المنتظم يمكن أن يحسن من المزاج ويقلل من أعراض الحزن. التمارين الرياضية تحفز إفراز الإندورفينات التي تعزز من الشعور بالراحة.
  • التغذية الجيدة والنوم: الحفاظ على نظام غذائي صحي ونوم كافٍ يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على الحالة العاطفية. التغذية الجيدة تساهم في الصحة العامة وتقلل من التوتر.
  • **4. البحث عن الدعم الاجتماعي:
  • التواصل مع الآخرين: المحادثات مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن توفر الدعم العاطفي وتساعد في تحسين الحالة النفسية. الاستماع والتحدث عن مشاعرك يمكن أن يكون مريحًا.
  • الانضمام إلى مجموعات دعم: الانضمام إلى مجموعات دعم أو مجتمعات توفر بيئة تشجع على تبادل التجارب والتعامل مع مشاعر الحزن.
  • **5. تطوير مهارات التأقلم:
  • تقنيات الاسترخاء: مارس تقنيات الاسترخاء مثل التأمل، واليوغا، والتنفس العميق. هذه التقنيات تساعد في تقليل التوتر وتعزيز الشعور بالهدوء.
  • التفكير الإيجابي: حاول تحويل التركيز إلى الأشياء الإيجابية في حياتك. البحث عن لحظات السعادة والنجاح يمكن أن يساعد في تغيير الحالة المزاجية.
  • **6. تحديد الأهداف والعمل نحوها:
  • وضع الأهداف: حدد أهدافًا واقعية ومؤثرة في حياتك. العمل نحو تحقيق هذه الأهداف يمكن أن يوفر شعورًا بالإنجاز ويعزز من شعورك بالرضا.
  • العمل التدريجي: اتخذ خطوات صغيرة نحو تحسين حياتك وتغيير العادات السلبية. التقدم التدريجي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير.
  • **7. الاستشارة والتوجيه المهني:
  • الاستشارة النفسية: إذا كان الحزن مستمرًا أو عميقًا، قد يكون من المفيد استشارة متخصص في الصحة النفسية. المعالج النفسي يمكن أن يساعدك في التعامل مع مشاعرك وتطوير استراتيجيات فعالة للتعامل معها.
  • العلاج بالأدوية: في بعض الحالات، قد تكون الأدوية المضادة للاكتئاب ضرورية. من المهم التحدث مع طبيب مختص لتحديد الحاجة إلى العلاج الدوائي.

تجاوز مستوى وعي الحزن يتطلب جهدًا متواصلًا وشاملًا يتضمن تغيير التفكير، تحسين الرعاية الذاتية، البحث عن الدعم الاجتماعي، وتطوير مهارات التأقلم. التعامل مع مشاعر الحزن بشكل فعال يمكن أن يؤدي إلى تحسين الحالة النفسية والانتقال إلى مستويات وعي أعلى من السلام والفرح.


في الختام :

رغم أن الحزن يُعتبر تجربة إنسانية طبيعية وجزءًا من دورة الحياة، إلا أن البقاء في هذا المستوى لفترات طويلة قد يؤدي إلى حالة من الاكتئاب العميق والعزلة. من منظور الوعي، يعد الحزن مرحلة يمكن تجاوزها بالتحول إلى مستويات وعي أعلى من خلال التقبّل والتفهم والسعي لإعادة بناء الروابط مع الآخرين ومع الذات.

الانتقال من الحزن إلى مستوى وعي أعلى يتطلب مواجهة المشاعر والعمل على معالجتها بطرق صحية، مثل التعبير عن المشاعر، والتواصل مع الآخرين، وممارسة الأنشطة التي تعزز الحالة النفسية. من خلال هذا التحول، يمكن للفرد أن يتجاوز الحزن ويصل إلى مستويات أكثر إيجابية من الوعي، مثل الشجاعة أو القبول، مما يفتح أمامه أبوابًا جديدة للنمو الشخصي والروحاني.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-